حفريات لغوية - 4 –

حفريات لغوية - 4 –
الحفر العميق
في الحفريات السابقة تم عرض اسماء متشابهة من الإغريقية القديمة والمصرية القديمة وبعض الاسماء المعاصرة عند الحباب ... وكان العامل المشترك بينها هو حرف الياء والسين ... فالسين من أدوات التعريف قديما رغم إنها تقع في آخر الكلمة وتكون مسبوقة بالياء ... وهذا الشكل غير مألوف في التعريف الآن إلا أنه موجود في اللغات القديمة وعلى سبيل الأمثلة:
أ‌. طلاب المدارس يدرسون أن الأعلام مثل :عثمان : ممنوع من الصرف لأنه ينتهي بألف ونون زائديتن ... أي أن الألف والنون ليستا من أصل الكلمة (عثم) ... واذا تم تعربفها الآن لجاءت (العثم) ... إذن جاءت أداة التعريف في آخر الكلمة.
ب‌. في الكلمات المطروحة الآن جاءت أداة التعريف (س) في أواخر الكلمات.

فبالإضافة لما سبق من الحفريات 1 و2 و3 ... تم إضافة مجموعة جديدة من الأعلام التي كانت سائدة في دولة مروي القديمة (البجراوية) 800 ق.م إلى 350 م .. وهي الأخرى تنتهي بالياء والسين. وتكون كل المجموعة على النحو التالي:

* أولا ... اسماء بعض الآله والملوك والمدن الإغريقية :
كوتيس ... آريس ... هيرميس ... أخيليس ... كوتيس ... دوريس ... موريس

* ثانيا ... اسماء بعض الآله والملوك والمدن المصرية :
إيزيس... نفتيس ..... بوخيس ..... رابيس ... نفتيس .... ممفيس ....رمسيس ...

* ثالثا... اسماء موجودة في الدولة المروية (البجراوية):
رومليس ... أتوليس ... أدبليس ... أقوديس ... إقديس ... قومليس ... أنتلي كديس ... قوريس ....

* رابعا... اسماء موجودة عند الحباب الآن:
تكليس ... هبتيس ... قبريس ... قرقيس ... عمديس ... عقبيس ... حيليس ... دليس ... حسحيس ... بلقيس ... عدوليس... إدريس
ما يمكن قوله: إن الاسماء المصرية قد تأثرت بالاسماء الإغريقية بشكل مباشر بعد أن حكمها البطالمة في الفترة ما بين 305 ق.م إلى 30 ق.م .... واثناء حكم البطالمة لمصر كانت لهم علاقات مختلفة مع مملكة مروي (البجراوية) ومن هذه العلاقة لا يستبعد الأثر الإغريقي على الاسماء في مملكة مروي (البجراوية) ..

لكن السؤال الآن: بأي الثقافات تأثرت اسماء الحباب حتى تكون مشابه للإغريقية والمصرية والمروية ؟... فالإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى تدقيق شديد وأسانيد مقنعة ومن ثم لا بد من الفرضيات حتى يأخذ البحث مجراه الصحيح ... كما إنه ليست بالضرورة أن تتحقق الفرضية كما تم فرضها ولكن تتم الاستفادة العلمية من النتيحة التي يتم التوصل إليها ... كما إن الفرضية لو تحققت لترتب عليها الكثير أيضا. وعلى أي حال هذه الظاهرة تستدعي الوقوف عندها وتحريك مسلماتها ...

فالسؤال الآن والذي يسبق الفرضيات: هل للناطقين باللغة التقرية (الحباب نموذجا) أي نوع من أنواع الصلات بمملكة مروي القديمة في البجراوية والتي امتدت ما بين 800 ق.م و350م؟

هنا ... وقبل أن نتحدث عن الاسماء فلنبحث عن شئ من تلك الصلة إن وجدت ... هذا هو الاتجاه الذي أضع فيه البحث الآن ... فلنتحرك جميعا ونتناقش في كل ما يمكن أن نتوصل إليه من رؤوس خيوط .... ولندرس مملكة مروي وأحوالها ... وكل الأجواء المحيطة ... ولندرس الهجرات القديمة وأين استقرت ... وإن تحركت من مواقعها .. فلماذا؟ ... ثم فلننظر إلى العاصمة البجراوية وكم مسافتها من مناطق طوكر والحدود الشرقية ؟ فالقراءة تؤسس لقاعدة النقاش الصلبة ومن ثم يكون الإتفاق على أسس وكذلك الإختلاف ...

ولا بد أن اؤكد أنه ومن خلال ما تم من مداخلات سابقة برز اتجاه يقول بالتأثير الأكسومي المسيحي ... فربما يكون ذلك صحيحا وربما خلاف ذلك ... لا نستطع إصدار حكم متعجل الآن ... ولكن هذا الاتجاه ينبغي أن يخضع للبحث أيضا... لكن في أي من الإتجاهين تبقى أداة التعريف (السين) هي القاسم المشترك بين الاسماء وليست المدلولات العقدية ...

هل للناطقين باللغة التقرية (الحباب نموذجا) أي نوع من أنواع الصلات بمملكة مروي القديمة في البجراوية والتي امتدت ما بين 800 ق.م و350م؟

شكرا ... وتتواصل الحفريات ... الرقم