[
b]هاشم الخليفة
عثمان محمد أكد هنتولاي ... صاحب المخزون الاستراتيجي
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) ... سورة الزمر (73 : 74)
.
عثمان محمد أكد هنتولاي (عليه رحمة الله) ... شاهد العيان ... الذي لم يستنطقه أحد !!!
.
عثمان محمد أكد هنتولاي ... صاحب المخزون الاستراتيجي من معرفة الإرث الحبابي المتنوع ... تبكيه الأقلام قبل العيون ... ولا بد أن تعبر عن بكائها بلطم الخدود وشق الجيوب ... وما ذلك إلا ندما على اضاعتها فرصة العمر في استنطاق السيد هنتولاي .... وإخراج الكوامن من الدرر النفيسة التي دفنت معه في مقبرته الفائحة عطرا ... والمشعة نورا ... بإذن الله ... ولا سبيل لمحاولة إيجاد العذر ... بحسبان الفترة الأخيرة من عمر الرجل التي كان يغالب فيها المرض وتقدم السن ... ... كانت الأمنيات ... أن يتحدث الناس عبره عن تاريخ الحباب وتعقيداته ... بدلا من الحديث عنه ... كتاريخ للحباب
.
عثمان محمد أكد هنتولاي ... مرجعية ثقافية علمية وخبرات تراكمية في الموروث الحبابي ... تمشي على قدمين ... وقلما تتوفر مدخراته المعرفية لأحد من الأحياء الآن ... ناضل وجاهد وبذل من النفس والنفيس في الحفاظ على مكتسبات أهله التي توارثوها عبر الزمن ... وعناية السماء التي جادت على الحباب وشركائهم بكنتباي حامد ... ليتعامل مع الأحداث بما يتطلبه الوقت في بداية الاستعمار الأوربي ... هي ذات العناية التي جادت للحباب وشركائهم بالسيد هنتولاي ليتعامل مع الأحداث بما يتطلبه الوقت في نهاية الاستعمار الأوربي ... ولا يلغي دوره دور الآخرين ... بل متمم لأدوارهم ومتناغم مع رغباتهم.
.
عثمان محمد أكد هنتولاي من الطليعة المتعلمة والمثقفة ... والمناصب التي تقلدها تدل على تفرده من بين أقرانه ... وعمله بالدبلوماسية دليل حنكة ومهارة ورقي ولباقة في التعامل ... ويستشف من ذلك أن هنتولاي كان يتفرد بصفات نادرة مكنته من التغلب على كل مظان المشكلات التي تقف حجر عثرة أمام الناس في سعيهم لتحقيق النجاح
.
عثمان محمد أكد هنتولاي ... حمل معه زاده للآخرة ... ونعم الزاد ... ترك وراءه ما ينفعه ... ومن أهم ما ترك هو الصدقة الجارية ... المتمثلة في التعايش السلمي بين القبائل الحدودية في إرتريا والسودان ... ساهم في تحقيق الأمن الحدودي واستقرار أهله بل وبرغبتهم كيف تكون تلك الحدود ... طالما أصبحت أمرا لا مفر منه ... فانفلات أمن الحدود هو من أكبر المشاكل التي تواجه العالم الآن ... وإفرازاتها السالبة معلومة ... وإن كان هناك من يشير لثمة تفلاتات أمنية في الحدود اليوم ... فهذه ليست بين القبائل المعنية بالاستقرار في المنطقة الحدودية ... هذا ملف مختلف ... فعثمان محمد أكد هنتولاي ساهم في تحقيق الأمن الحدودي والاستقرار ... من خلال عمله في لجان الحدود عام 1953م.
.
1953م هو بداية تسليم سلطة المستعمر للسودانيين ... وقبل تسليم كراسي السلطة وسودنتها فلا بد من تسليم الأرض أولا ... هنا تم تكوين لجان الحدود لمباشرة مهامها ... في هذا الصدد ... أول حدود تنتهي فيها المهمة ... كانت الحدود الممتدة بين السودان وأريتريا في مناطق الحباب وشركائهم من الكيانات الأخرى ... وإن دل ذلك على شئ إنما يدل على حنكة من أشرف عليها ... تم التقسيم بالتراضي ودون مشاكل تذكر ... السبب في ذلك أن هذه الحدود أشرف عليها اثنان من ابناء الحباب وهما:
.
1. عمر محمود كنتباي ... ممثلا لحكومة السودان
2. عثمان محمد أكد هنتولاي ... ممثلا لحكومة اثيوبيا (كانت تستعمر إرتريا حينها)
.
مصر لم تكن على اتفاق مع الإنجليز في استقلال السودان المرتقب ... من ثم كانت تبحث عن كل ما من شأنه ... تأخير ذلك الإستقلال ... لعلها الآن وجدت ضالتها ... في اجتماع لجنة الحدود الذي انعقد بمدينة بورتسودان 1953م ... طعن أحد المصريين في ممثلي الدولتين باعتبارهما ابناء عمومة ... وطالب بتأخير الاجراءات ورفع الأمر للحكومتين ريثما يتم إبدال أحدهما ..... لكن فطنة هنتولاي كانت حاضرة وقال للموظف المصري : (حكومة اثيوبيا لا رغبة لها في تغيير ممثلها وإن كانت هذه رغبتكم في حكومة السودان فيمكنكم تغيير ممثلكم) ... هنتولاي كان يدرك تماما أن السلطة الفعلية في السودان كانت في يد الإنجليز وليست في يد المصريين ... بهذا الرد الشافي الكافي ... توقف المصري عن الحديث
.
ألا رحم الله عثمان محمد أكد هنتولاي ... بقدرما قدم ... وبقدرما نوى أن يقدم من فعل الخيرات ... نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أؤلئك رفيقا[/b]