منتدى ابناء قبائل الحباب بشرق السودان
الترحيب بالأعضاء
منتدى ابناء قبائل الحباب بشرق السودان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ابناء قبائل الحباب بشرق السودان منتدى يسعى لربط ابناء الحباب بداخل والخارج عبر النت ٠ والتعريف بتاريخ وعادات وتقاليد وتراث قبيلة الحباب ٠
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالرئسية
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» مرثية السيد الناظركنتيباي محمود بقلم الشاعر احمد هنتولاي
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالجمعة أبريل 20, 2018 2:26 pm من طرف خالد على ودالعمدة

» مراسيم تشيع ناظر عموم قبائل الحباب كنتيباي محمود
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالأربعاء أبريل 18, 2018 6:01 pm من طرف خالد على ودالعمدة

» الكفاح المشترك بين الشعبين الإرتري والسوداني
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالجمعة أبريل 06, 2018 4:25 am من طرف خالد على ودالعمدة

» عرض خاص على حصادة البرسيم و الذرة و القمح
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالأربعاء ديسمبر 07, 2016 4:47 pm من طرف السنبلة للمعدات الزراعية

» نساء من الحباب
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالأربعاء نوفمبر 16, 2016 8:44 am من طرف خالد على ودالعمدة

» https://youtu.be/k9kUpvtLEm0
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالسبت أكتوبر 29, 2016 3:35 pm من طرف خالد على ودالعمدة

» اللهجة الحبابية ٠٠٠٠د/ إدريس جميل .. الجزء الثاني
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالسبت يوليو 23, 2016 7:03 am من طرف خالد على ودالعمدة

» اللهجة الحبابية ٠٠٠٠د/ إدريس جميل .. الجزء الاول
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالسبت يوليو 23, 2016 7:00 am من طرف خالد على ودالعمدة

» أسماء حكام حلف قبائل الحباب منذ نهاية القرن الخامس
 من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالجمعة يوليو 22, 2016 3:19 pm من طرف خالد على ودالعمدة

مكتبة الصور
 من مساهمات الحباب الوطنية Empty
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
منتدى العام
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
أبريل 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
اليوميةاليومية

 

  من مساهمات الحباب الوطنية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
هاشم الخليفة عثمان




عدد المساهمات : 65
نقاط : 79
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/03/2011

 من مساهمات الحباب الوطنية Empty
مُساهمةموضوع: من مساهمات الحباب الوطنية    من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالإثنين يوليو 30, 2012 6:06 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ خالد: كيف حالكم مع رمضان وأنت تجاهد في المنتدى وبعزم لا يلين, وبعد: المقال أدناه سبق أن تم نشره (حلقتين) في الملحق الثقافي لصحيفة السوداني وكان ذلك في عام 2009 ولكن الآن قد توفرت المعلومات بشكل أكثر من ذي قبل. الآن أريد المساهمة به في المنتدى لمن لم تتوفر له قراءته وقتها مع قائق شكري.
..........................................................................................................................................


بسم الله الرحمن الرحيم
من مساهمات الحباب الوطنية

بقلم: هاشم الخليفة عثمان

طيلة الثلث الأخير من القرن التاسع عشر, كانت أطراف السودان الشرقية من أكبر بؤر الصراع المسلح في البلاد, فبعد فتح قناة السويس (1869م ) انتشرت قطع أسطولي بريطانيا وإيطاليا بالقرب من مينائي سواكن ومصوع. والسودان الشرقي وقتها كان ممتدا حتى مصوع وملحقاتها. فالسلطنة الزرقاء ( 1504- 1821م ) مدت نفوذها حتى مصوع وفي العهد التركي جاء تعريف الشرق حسب مرسوم الجناب العالي العثماني ( 1881م ) بأن شرق السودان يتكون من مديريات التاكا, سواكن, مصوع, كرن, القلابات وما يتبع تلك المدن. أما في عهد المهدية, فالأمير عثمان دقنة أوكل أمارة البحر الأحمر ( من عقيق حتى مصوع ), أوكلها إلى قاضي سواكن الشيخ عبد القادر حسين والذي بدوره أحكم السيطرة على الأمارة بعد أن هزم الأحباش في وادي أدرهما ( 1885م ) وأجبر قائدهم ( الرأس لولا ) للتقهقر نحو جبل ( قلب ) بعيدا عن منطقة نفوذ المهدية. هذا الاتساع من السودان الشرقي كان مسرحا لعمليات عسكرية استمرت قرابة الثلاثين عاما عاش فيها سكان الإقليم أسوأ حالات التوتر النفسي وغيره من ويلات الحروب, وإن كانت ثمة إيجابية تذكر فهي رفع الحس الأمني للكثير من سكان الشرق. ففي هذا الوضع الاستثنائي, كيف كان حال اتحاد الحباب الذي تنتشر عناصره بين سواكن ومصوع, أي بين الجردتين البريطانية والإيطالية؟ وإلى أي مدى تصمد زعامتهم في سواكن, المتمثلة في
( كنتيباي ) حامد حسن, أمام أطماع الجنرالات الذين يتكالبون على مفاصل الدول ويستخدمون شتى الأساليب في تحقيق أطماعهم؟
إيطاليا ومن خلال جمعية روباتينو للملاحة, استأجرت أرضا في خليج عصب (1896م) لإنشاء محطة وقود تأمينا لتزويد سفنها في البحر الأحمر ولكن في ( 1881م ) كشفت عن نواياها الحقيقية وأعلنت أن عصب مستعمرة إيطالية ثم زحفت نحو مصوع واحتلتها في(1885م) متخذة منها قاعدة انطلاق لاستعمار شرق ووسط إفريقيا. أما بريطانيا وبعد احتلالها مصر ( 1882م ), رأت أن لها حقا مشروعا في احتلال السودان الخديوي ومن ثم بدأت إقحام جيوشها في سواكن وفتح جبهات قتال ضد السودانيين بغية السيطرة على الشرق كمدخل للعمق السوداني, وفي عام (1885م ) أكدت بريطانيا مسؤوليتها الإدارية الكاملة على سواكن بتعيين السير وليام وايت مديرا على المدينة ومن ثم, أصبح لها حرية اتخاذ كافة القرارات لبسط نفوذها غير آبهة بالوجود المصري.
إيطاليا, بعد أن أفرغت سفنها آلاف العساكر في مصوع, كان أمامها أولا, أن يتأقلم جنودها على طقس مصوع وثانيا, عليها تحصين جيوشها خوفا من مداهمة الأحباش وأخيرا, عليها إيجاد صيغة تعامل مع اتحاد الحباب إذا ما نشبت الحرب مع الأحباش. فهل تكمن تلك الصيغة في استمالة الحباب؟ تحييدهم؟ أم القضاء مبكرا على قوتهم ؟ لكن, مهما يكن من أمر, فإن كل الجهود الإيطالية باءت بالفشل الذريع. مصوع لم ترحم الطليان لأنها من أسخن بقاع العالم طقسا حيث تتراوح درجة حرارتها في بعض الشهور ما بين ( 70- 104 درجة فهرنهايت ) ومع هذا الغليان المناخي أثخنتهم جيوش الإمبراطور الأثيوبي يوهانس داخل حصونهم في دوقالي ( 1887م ) وما لم يتوقعه أكبر متشائم إيطالي,هو انتصار منليك الأثيوبي عليهم في واقعة عدوة ( 1896م). ما يمكن قوله: إن الهزيمة في عدوة أضعفت كل حظوظ إيطاليا في حلبة التنافس الاستعماري في شرق ووسط إفريقيا, ذلك لأن القائد الإيطالي أوريستي باراتيري, عندما هرع إلي بلاده طلبا للنجدة, وجد نفسه مسبوقا بأخبار الهزيمة وأن شوارع روما تغلي احتجاجا على أل ( 17 ) ألف قتيل في عدوة. ذلك الهيجان لم يبطء النجدة العسكرية فحسب, بل أجبر حكومة فرانسسكو كريسبي على الاستقالة الفورية فاسحة المجال أمام حكومة بديلة بقيادة السياسي العجوز أنتونيو روديني. ولكن ما هو دور الحباب في ذلك الاضطراب الإيطالي الذي أدى إلى قطع أحلامهم التوسعية ؟ وما هو الدور الذي لعبه كنتيباي حامد حسن, حتى يتربص به الطليان ويلبث في سجن روما حينا من الدهر؟
الإنجليز كانوا الأتعس حظا من الطليان لأنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة منظومة الشرق بقيادة عثمان دقنة.هذه المنظومة كانت قد فرغت للتو من تصفية الوجود التركي في الإقليم الشرقي وحتى جنوب مصوع ثم أكملت تأمين إقليم التاكا بهزيمة الأحباش وقتل قائدهم دجاج قبرو (1885م ). تلك التجربة الثرة للبجاوي في الحرب, مدعومة بإحساس المواطنة الحرة في ظل حكومة المهدية الوطنية, هي التي ألحقت بالإنجليز الصفعة تلو الأخرى, فهزائم فالنتين بيكر وجراهام ( 84/1885م ) وغيرها, كانت غصة في حلق برلمان حكومة جلادستون وحسرة في كبد قصر بيكينجهام . فمنشأ الدهشة البريطانية هو كسر المربع العسكري الإنجليزي مرتين في السودان وقد كان محط فخرهم واعتدادهم بأنفسهم منذ أن هزموا الفرنسيين في وترلو (1815م ) واستسلم لهم نابليون مطأطئ الرأس على ظهر البارجة الإنجليزية بيلروفون لتبحر به إلى منفاه القسري في جزيرة سانت هيلانة. بذلك المربع صامد الأضلاع لمدة السبعين عاما, سحق الإنجليز شعوب الباثيون, الزولو, البورميون والبوير , ولكن انفكت طلاسمه لأول مرة على أيدي البجة في موقعة تآماى ( 1884م ) والثانية في (أبي كلوة ) عندما تصدى الأنصار لحملة إنقاذ غوردن بقيادة ويلزي ( 1885م ) وتمت هزيمة الإنجليز في كلتيهما.فما هو دور الحباب في مواجهة الاستعمار البريطاني للسودان؟ وماذا يكمن وراء رسالة الخليفة عبدالله التعايشي لناظر الحباب حامد حسن؟ ثم ما هو الثمن الغالي الذي دفعه الحباب بسبب وقفتهم الوطنية ضد المستعمر؟
ما يمكن قوله: إن منظومة الحباب وبالرغم من تواجدها في نقطة تقاطع مصالح الدول الاستعمارية العظمى, إلا أنها استطاعت الصمود وتأمين مصالحها الحيوية , فيما لعبت شخصية الناظر حامد حسن دورها البلوتيكي باحترافية رفيعة أظهرت من الحنكة الدبلوماسية ما أجبر الكولونيلات على التكالب لخطب وده والتعامل معه كرؤساء الدول وليست كزعماء العشائر التقليديين. فأول انتصار حققه الحباب أمام الجردة المتدفقة, هو الانتقال الفكري من مفهوم القبلية الضيق إلى سعة الاتحاد الشامل بما يربو على الخمسين مجموعة سكانية, يجمع بينها الإحساس بوحدة المصير مدعوما بقيم إسلامية أصيلة وارث حضاري ضارب في القدم. استطاع هذا الكيان المتحد أن يبطل مبكرا مفعول مكروب التشرزم والتجزئة الذي جاهرت به بريطانيا دون استحياء تحت مسمى سياسة ( فرق / تسد ) وبذلك التماسك تجاوزوا الحرب المبطنة التي تديرها المخابرات وبقيت أمامهم الحرب المعلنة, حيث استطاعوا أن يسهموا فيها بفاعلية في هزيمة الإنجليز والطليان كسابق مساهمتهم التاريخية في هزيمة البرتقاليين والأحباش عندما كانت الحرب سجالا بين الإسلام والمسيحية.
أما مشاركة الحباب في الانتصارات ضد الإنجليز, فقد بدأت بمباركتهم للثورة المهدية مع عامة السودانيين, ومباركتهم الخاصة عندما بايع الناظر حامد حسن ( صديقه ) عثمان دقنة أميرا للشرق ومن ثم انخرط الحباب مباشرة في مواجهة الإنجليز أنّى كانت تعليمات القيادة. الآن ليست بالضرورة تفصيل دور الحباب في تلك الانتصارات, إذ يكفي النظر إليها بالكلية كانتصار حققه ابناء الشرق مجتمعين تحت مظلة البجة, لكن ما يجدر إلقاء الضوء عليه هو الخدمة السرية التي قدمها الحباب لحكومة التعايشي في أحلك الظروف. فبعد انتهاء مؤتمر برلين (84/1885م ) الخاص بتقسيم إفريقيا بين الدول الأوروبية, تسابقت أربع دول استعمارية نحو السودان وأحاطت به إحاطة السوار بالمعصم بهدف التوغل من الأطراف صوب المركزSad بلجيكا من الجنوب 1892, إيطاليا من الشرق 1894, فرنسا من الغرب 1896, بريطانيا من الشمال 1896م ) فضلا عن التغلغل البريطاني / الإيطالي آنف الذكر. ففي هذا الظرف العصيب الذي استحكمت فيه دائرة الحصار الإمبريالي على البلاد, جاءت مبادرة الناظر حامد حسن بفتح ميناء تكلاي سرا لصادرات وواردات السودان عوضا عن مينائي سواكن ومصوع المحتلتين. في هذا الشأن,تم عقد اتفاقية لتشغيل الميناء بين الناظر حامد والأمير محمد أبو قرجة نيابة عن الحكومة, فيما ضمن استمرار الاتفاق بين الطرفين, الشيخ عبد الله مبارك زعيم الرشايدة ومن ثم بدأ العمل الروتيني تحت إشراف الشيخ إدريس علي نور نيابة عن الحباب ومندوب آخر يمثل حكومة التعايشي. هكذا أصبحت تكلاي ( بالقرب من قرورة ) الرئة الوحيدة التي تنفست بها الحكومة وقد أثلج هذا الإجراء الحبابي صدر الخليفة عبد الله وترجم سروره في رسالة قلبية لكنتيباي حامد, جزء منها يقول: " ... إن العبد لا استغناء له من رحمة الله وإنك من العقلاء الذين ينظرون عواقب الأشياء..). فهذه الرسالة المفعمة بالأريحية جاءت بمثابة نجمة الإنجاز على صدر الرجل, أما الأمير أبو قرجة فقد عبر عن رضائه بتسمية ابنه ( كنتيباي ) وكل ذلك زاد من توثيق الصلة بين اتحاد الحباب والحكومة الوطنية ولكن العيون الخضراء التي كانت تراقب حركة ( سنابيك) التهريب في البحر الأحمر, ارتابت في حركة ميناء تكلاي النشطة واحتفظت لنفسها بحق الرد على الحباب في الوقت المناسب !
الطليان, وبعد دراسة شاملة لديموغرافية المنطقة, أدركوا أن الحباب قوة إقليمية مؤثرة تحظى بوزن اقتصادي وآخر عددي يمكناها من الاضطلاع بدور مهم في توجيه الأحداث في الإقليم, بذا تعددت اجتماعاتهم مع كنتيباي حامد حسن لاستمالته وزعزعة قناعاته بحكومة التعايشي الآيلة للسقوط حسب زعمهم ومن ثم يحظى الطليان بعون الحباب في أكثر من مهمة تسهل لهم دخول السودان من الجانب الشرقي لاحقا. من المهم ذكره, أن الحباب والكميلاب من المجموعات التي شكلت حائط صد قوي تكسرت عليه الكثير من محاولات المخابرات الإيطالية في تمهيدها لدخول السودان من الشرق. ويرى الأحباش أن فقه الضرورة يحتم عليهم التصالح مع الحباب بعد طول قطيعة والعمل سويا لطرد الطليان ومما شجع الأحباش أن الحباب يملكون كما هائلا من الإبل التي يمكن أن تساعد في الحركة اللوجستية ثم درايتهم بطبوغرافية المنطقة وفوق ذلك إمكانية حصولهم على الأسلحة من أسواقها المتحركة في البحر الأحمر. لكل ذلك غض ملكا الحبشة الطرف عن علاقات الصدام والحرب السابقة مع الحباب, ورغبا في حلف تكتيكي ينتهي بإجلاء الطليان . تلك الاجتماعات, تؤكد قوة الحباب وتحكمهم في ترجيح ميزان القوة في الإقليم وبالضرورة أنه لم يعتريهم شئ من الوهن يجعلهم عرضة للاغراءات من هنا وهناك, والأكثر أهمية, أن للحباب أجندتهم وأحلامهم كما تلكم الدول. فالحباب كانوا على قناعة تامة بأن الوجود الإيطالي يشكل أكبر مهدد أمني لوجودهم إذا ما تيسر لإيطاليا استعمار السودان حيث لم يكن مخفيا عليهم ما ورد بشأنهم في التقرير رقم ( 63/1885م) الذي أعده الإيطالي مايسا ( قنصل إيطاليا في مصوع ) حيث يخاطب وزير خارجيته بقوله: " ... إن الحباب والكميلاب سيدفعون الثمن غاليا بسبب وقوفهم مع المهدية... " إذن, فقد وجد الحباب في إصرار الحبشة على طرد الطليان , تطابقا مع رغبتهم في نظافة الإقليم من الوجود الأجنبي ومن وجهة أخرى, ذلك يحقق لهم الإيفاء بعهدهم مع الخليفة عبد الله التعايشي بأن يعملوا جاهدين ضمن منظومة البجة لمنع التسرب الإيطالي من جهة الشرق, بذا كان دعمهم غير المعلن لملكي الحبشة في كل من دوقالي وعدوة حتى تحقق لهم النصر. لكن بعد أن تتالت الهزائم على الطليان وتردت الروح المعنوية للمتبقي من جيشهم اثر الهزيمة في عدوة, نشط كنتيباي حامد حسن في جمع حلف من قبائل الإقليم وأثناء أداء هذه المهمة ألقى الطليان القبض عليه وتم إرساله إلى روما للمحاكمة بتهمة التحريض والتآمر والعمل على إعلان دولة ما! وبعد إحضاره لسجن عصب وإطلاق صراحه مبرئا من التهم, توفي مباشرة لرحمة مولاه. فلا غرابة هنا أن يظن البعض, أن الطليان صبوا جام حنقهم على الحباب في حقنة مسمومة, عولج بها الرأس المدبر وهو يبارح سجن عصب وهم يبارحون مصوع.
قلت: ان العلاقات السابقة بين الحباب والأحباش هي علاقات صدام وحرب. فالحبشة المسيحية اليعقوبية في سعيها لكي تسود الملة اليسوعية في الإقليم, تصادمت مع توجهات الحباب الإسلامية الرامية لتوطين الإسلام ودعم بقية الكيانات المسلمة في المنطقة. فالأسرة السليمانية أعلنت عدائها للإسلام والمسلمين عند توليها عرش الحبشة في نهاية القرن الثالث عشر وعملت جاهدة في تنصير المسلمين إجباريا وهدم مساجدهم. بدأت تلك الحملة في عهد الملك الأثيوبي عمدا صيون ( 41/1344م ) وبلغت ذروتها عقب انتهاء اجتماع الدوائر الصليبية في فلورنسا ( 1439م ) حيث انهالت المعونات العسكرية على الملك الأثيوبي زراء يعقوب لاستئصال شافة الإسلام والمسلمين من الحيشة وما جاوررها.
ولكن ما يمكن قوله: إن موازين القوة قد رجحت لصالح المسلمين بقيادة الإمام أحمد الجران ( الأعسر )خاصة بعد أن استعان بالمجموعات العربية المسلمة من خارج الصومال وتشمل الحباب والبلو وبعض القبائل العربية على امتداد ساحل البحر الأحمر شمال الحبشة. تلك المجموعات قدمت دعما سخيا للإمام أحمد الجران في حربه ضد المسيحية حتى تمكن من الاستيلاء على أكسوم ( العاصمة القديمة للحبشة) ومن ثم تهيأ المناخ لنشر الدعوة الإسلامية في الحبشة وشمالها وذلك ما بذل فيه الحباب النفس والنفيس وأصبح الإسلام هو الهوية التي يعرفون بها أكثر من أن يعرفوا باصولهم اليمنية . استمرت مجاهدات الحباب والبلو مع الإمام أحمد في وقف الزحف الأوربي التنصيري وكان لهم دور رائد في انتصار الإمام على الحملة البرتقالية التي وصلت مصوع في ( 1541م ) وقتل قائدها كريستوفر دي قاما والكثير من عساكره . رغم هذه الانتصارات, نجد أن النجاشي كلوديس, آخر ملوك الأسرة السليمانية في الحبشة, تمكن من قتل الإمام أحمد وتشتيت أتباعه خارج المنطقة. إذن, فالذهنيتين الأيدلوجيتين للحباب والأحباش اقتضطا أن يكون تحالفهما غير المعلن ضد الطليان , تحالف مصالح مؤقت ينفض سامره بعد تحقيق الغرض.
ما يجدر ذكره, إن اعتلاء أول حاكم مسلم ( عبد الله برشلمبو) لعرش دولة المغرة السودانية في القرن الرابع عشر الميلادي خفف من استمرار الحبشة في ملاحقة المسلمين ولكن قيام السلطنة الزرقاء في بداية القرن السادس عشر, زاد من قوة شوكة المسلمين ومهد للمجموعات المسلمة التحالف مع الدولة الوليدة ومناصرتها. ويعتبر الحباب من أول المبادرين للانحياز للسلطنة الزرقاء وفي العام ( 1552م) ذهبت مجموعة من بيت بحالياي إلي سنار مبايعين وردت سنار التحية بمنح نظارتهم الطاقية أم قرينات, الككر والنقارة. ويرى بعض من تناول سيرة الحباب أن ذلك اللقاء المبكر بين الحباب والفونج مرده العصبية العربية وليست الأيدلوجية الإسلامية واستندوا في ذلك على أن الأمويين الذين تصاهروا مع الفونج ونشروا الإسلام بينهم سبق وأن استقروا بأرض الحباب عند دخولهم من دهلك وذهبت المصادر إلى أن زيارة الحباب السنوية لعاصمة الفونج كانت تلاقى بالكثير من الود والترحاب ولعل الغرض من كل ذلك أن بعض المصادر درجت على تجريد صفة (الإسلامية) من السلطنة الزرقاء وترى أن الإسلام ما كان بالقوة التي تؤهله لإنشاء دولة في محيط مسيحي وأن الفونج بإصولهم الشلكاوية كانوا الأبعد عن تبني فكرة المشروع الإسلامي وقتئذ. أقول: لم يتبين لي سر ذلك التقارب ولكن مهما كانت الدوافع, فقد استمر الحباب في خدمة السلطنة الزرقاء حتى دخول التركية السودان في أوائل القرن التاسع عشر, ومن ثم بدءوا في مواجهة سوءات النظام التركي وظلوا هدفا له حتى بزوغ فجر المهدية.
لكن للوطنية ثمنا يدفع. فأول ما نال الحباب من الإنجليز في فترة الحكم الثنائي (1899/1956م), هو مشرط تقسيم الحدود بغية إضعافهم, تلى ذلك إلغاء نظارة الحباب في الوقت الذي اصدر فيه الإنجليز قانون الإدارة الأهلية ومنح العمد والمشايخ سلطات إدارية وقضائية مختلفة ( 22/ 1928 ) وثالثة الأثافي السفعاء هي حل اتحاد الحباب في ( 1947) ومن كل ذلك يتضح إقصاء الحباب وإرغامهم على مراقبة اللعبة السياسية من مقاعد المتفرجين البعيدة عن مضمار التنافس, فلا غرابة أن يقابل الحباب قرارات الطمس وكتم الانفاس بالكدر وعدم الرضا وبالأخص إلغاء رمزية النظارة. فالنظارة باسمائها المختلفة هي التي مكنتهم من رفع راية الجهاد ونشر الإسلام في شرق إفريقيا وبعض من الأطراف الشرقية للبلاد, ولا يعني ذلك وجود داعية معلوم من الحباب التف حوله المؤيدون ولكن الانحياز للإسلام له أوجه كثيرة. وتحت النظارة شارك الحباب ببسالة في هزيمة بريطانيا, إيطاليا والبرتقال والوقوف حجر عثرة أمام طموحاتهم التنصيرية والاستعمارية, وباسم النظارة كان انحيازهم الدائم للخيار الوطني منذ قيام السلطنة الزرقاء كأول دولة توحد معظم مكونات المجتمع السوداني. وقد يأسف الحباب لموقف الحكومات الوطنية بعد الاستقلال التي لم تستجب لطلب إعادة النظارة وربما عزوا ذلك إلى أن تلك الحكومات كانت تحت تأثير البنج الإنجليزي المصري قوي المفعول تجاه نظارة الحباب. الآن استجاب الرئيس عمر البشير للطلب فأعيدت النظارة تحمل الرقم (32 ) برئاسة الكنتيباى محمود حسين ( ناظر عموم ) ومقره الدائم مدينة طوكر وينتشر وكلاؤه حسب انتشار الحباب في الولايات المختلفة: الشيخ علي نور ( ولاية الخرطوم ) السيد حسن حامد ( ولاية البحر الأحمر ), السيد محمد علي محمد سعيد ( ولاية القضارف ), الدكتور لؤي محمد عثمان( ولاية كسلا ), الأستاذ محمد نور ( أبوهاشم ) أمين عام مجلس شورى الحباب, الأستاذة منى إدريس( أمانة المرأة ), ومن الناشطين في العمل الاجتماعي الأستاذة مها حامد محمود والأستاذ عثمان حامد إدريس وغيرهم. ثم ماذا بعد؟ فمن واقع النظر في الإرث الحضاري للحباب, سيتم توظيف رمزية النظارة كآلية لدعم الوحدة القومية الكبرى في البلاد, فالبحث عن القواسم المشتركة لتجسير هوة الخلاف بين المنظومات السكانية وتعزيز عوامل الاتحاد بينها مع اعتبار الخصوصيات, إنما هي فكرة أصيلة وذات جذور تاريخية في الذهنية الحبابية ومن ثم فإعادة النظارة وإن كانت شكلا للحباب إلا أنها مضمونا, كسب لكل أهل السودان.
في عام 1960 قال د. أزكيوي للسراردونا أحمدو بلو :" دعنا ننسى اختلافاتنا ونؤسس لوحدة نيجيريا " لكن السردونا بيلو كان يدرك أن محدثه يجهل الكثير عن ارث الشعوب التي تجمعها بلادهم وأنه قد أخفى جهله بمكتسبات الشعوب وخصائصها, وراء حشد مفردات منتقاة تدعو لتجاوز القبلية والجهوية ولذلك جاء رد أحمدو بلو: " أنا مسلم من الشمال وأنت مسيحي من الجنوب, دعنا نفهم خلافاتنا واختلافاتنا ثم نؤسس لوحدة نيجيريا ) .. فوحدة السودان هي وحدة في تنوع, عمدتها معرفة الآخر والاعتراف به من خلال إتاحة الفرص له بالمشاركة برصيده القيمي الإنساني...فاختلاف ألواننا وتنوع ثقافاتنا, هما مصدر ثراء حياتنا السودانية في كل جوانبها والاختلاف والتنوع من الضرورات الكونية. قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور (28)) صدق الله العظيم ( سورة فاطر).
ختاما, هذا غيض من فيض الحباب, حياة جهاد ودعوة وشموخ, وأمام المهتمين الكثير من الكنوز الثمينة في شتى المجالات ولكن من حيثيات المقال تبقى في الذاكرة دوما, شخصية الناظر حامد حسن كرجل ظلمه التاريخ ونسيه المثقف الحبابي , فكيف تضيق عن تخليده اسماء الطرق ولافتات المؤسسات الاجتماعية المختلفة, إن لم يكن تجسيدا قوميا في الكتاب المدرسي أو حتى المساحات الصغيرة من طوابع البريد؟
انتهى

هامش :
كل الحقائق التاريخية متوفرة في أرشيفي المستعمرات الإنجليزية والإيطالية ومؤلفات نعوم, ضرار وجادين ومراجع أخرى وتبقى الرؤى المختلفة على مسؤولية الكاتب.

للمحرر: كاتب المقال: هاشم الخليفة عثمان ت/ 0923553027

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
wadjameel




عدد المساهمات : 20
نقاط : 32
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/08/2010

 من مساهمات الحباب الوطنية Empty
مُساهمةموضوع: رد: من مساهمات الحباب الوطنية    من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالسبت أغسطس 04, 2012 1:52 pm

تسلم يا دكتور ورمضان كريم.
اخوك ود جميل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد على ودالعمدة
Admin
خالد على ودالعمدة


عدد المساهمات : 853
نقاط : 2246
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/06/2010
العمر : 56
الموقع : خارج ارض الوطن

 من مساهمات الحباب الوطنية Empty
مُساهمةموضوع: رد: من مساهمات الحباب الوطنية    من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالأحد أغسطس 05, 2012 7:26 am

رمضان كريم وتصوم وتفطر على الف خير أخوانا الدكتور هاشم الخليفة ، لله درك وانت فى كل يوم تتحفنا بالجديد والمثير جزاءك الله عنى خيرا الجزاء وجعل هذا العمل فى ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://habab.banouta.net
هاشم الخليفة عثمان




عدد المساهمات : 65
نقاط : 79
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/03/2011

 من مساهمات الحباب الوطنية Empty
مُساهمةموضوع: رد: من مساهمات الحباب الوطنية    من مساهمات الحباب الوطنية Emptyالخميس أغسطس 09, 2012 4:20 am

مع فائق شكري الأخوين ود جميل وخالد, رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من مساهمات الحباب الوطنية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقالات من مساهمات الحباب الحباب الوطنية الجزء الرابع / د .هاشم الخليفة
» الحباب و النضال ضد الاستعمار والمواقف الوطنية
» [scroll]النص ملحمة الحباب ألقيت بمناسبة احتفالات قبيلة الحباب بالنظارةscroll]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابناء قبائل الحباب بشرق السودان :: المنتدى العام - النقاش. الحوار. الاراء-
انتقل الى: