رابعا:- اختيار الاسم السماية
تكون عملية التسمية عادة جماعية ويشارك فيها اغلب أهل القرية أو المنطقة فأول ما يعمل هو حلاقة المولود بواسطة احد الأطفال شرط أن يكون أبواه على قيد الحياة فإذا لم يستطع الصبي حلاقة رأس المولود لخوفه أو اضطرابه فيقوم بأخذ الموس ويضعها على رأس المولود ويجئ احد الأشخاص الموثوق بهم وصاحب سيرة حسنه فيقوم بحلق شعر رأس المولود وهذا الشعر المحلوق لا يهمل قط بل يؤخذ ويوضع في قطعة من الجلد مع وجود سعفة ويعلق فوق رأس المنزل وهذه السعفة وعودها تسمى (الشنكيباى) وتنصب في أعلى المنزل ويوضع فيها شعر المولود فان كان المولود ذكرا فيوضع شعره في هذا (الشنكيباى) وتنصب العصا إلى اعلي وتكون واضحة من على البعد أما أذا كان المولود أنثى فيوضع الشعر فقط ولا تنصب العصا إلى أعلى. وعادة تتم التسمية أذا كان الأب أو الأم ليس لهما اسم معين وذلك بأخذ أوراق من شجرة العشر وتكون سبع أوراق يكتب على كل ورقة اسم ثم ينادى على صبى شرطا أن يكون والده على قيد الحياة فيختار واحدة من هذه الأوراق ويكون الأطفال مجتمعين وهم متشابكى الايدى ويعطونهم لبنا وماء وذرة وبعد أن يختار الصبي يجرون في اتجاهات مختلفة معلنين الاسم قائلين (محمد لعبى) اى محمد يكبر أما أذا كانت أنثى فيقولون (فاطمة تعبى) اى فاطمة تكبر وفى بعض الأحيان تقوم بعض النساء بالرجوع إلى الشيخ ويسأله عن الأيام فيقول لهن في يوم كذا وكذا سموا كذا وكذا وليس هنالك يوم محدد يرتبط باسم معين ولكن يفعلون ذلك من باب التفاؤل.
والمسئول عن التسمية دائما هو الأب وعادة ما يسموا بأسماء الأجداد والإبطال والفرسان أو أسماء بعض الشيوخ الصالحين وأسماء الأنبياء. وألام عادة لا تذكر اسم ابنها الحقيقي خاصة أذا كان اسم جدة لأبيه وذلك احتراما لهذا الاسم وتطلق عليه احد الألقاب المشهورة مثل نوراى، باره عافة وغيرها. وهنالك أيضا الكي بعد مرور الأسبوع الأول من الولادة فيكوى المولود في صدره اعتقادا منهم بان يكون المولود حساسا أو شجاعا ومنهم من يكويه بعد شهر. وفى يوم السماية كما هو معروف تذبح الذبائح فإذا ذبح خرفان يكون الأول للسماية والأخر كرامة وذلك لكي يكفى المعازيم والضيوف ويذبح خروف السماية في حفرة وكل مخلفات وعظام الخروف تجمع في هذه الحفرة وتغطى بعد ذلك. ويذهب خروف السماية إلى النساء ويطهى لحمة لوحدة دون الخروف الأخر ولكن لا يسمح بان ترمى أي عظمة في الخارج ابدأ ولذلك تجمع كل العظام حتى وان كانت بعيدة منهم وذلك لكي لا يتعرض لها الكلاب وذلك حفظا على المولود ولذلك يعطى الخروف السماية بالتحديد للنساء لان اهتمامهن بهذه العادة أكثر من الرجال.
وفى الغالب الأحيان يفطم المولود بعد سنتين ويسقى أول ما يسقى لبن الماعز وذلك في فنجان أول الأمر وهم يفضلون لبن الماعز أكثر من اى لبن أخر في هذه المرحلة.
ومن أشهر الأسماء لديهم عند الذكور الأسماء المعبدة مثل عبد الله عبد الرحمن وأسماء التحميد كمحمد واحمد وكذلك أسماء الأنبياء مثل إدريس وموسي وغيرها من المركبة محمد عثمان محمد صالح ويعمل للبنت سماية فقط أما بقية الطقوس المصاحبة لها فهي خاصة بالمولود الذكر فقط خاصة في الشنيكيباى ى الذي يكون منصوبا إلى أعلى ويوضع أعلى المنزل ويوضع فيه الشعر فلا بد أن يكون منصوبا إلى أعلى في حالة المولود الذكر وهو من الأشياء الضرورية جدا في البيت العمراوى ويكون مربطا معه عظميات السيقان الأربعة لخروف السماية وتأخذه الام معها إلى كل مكان ترحل أليه ولا ينزل من أعلى البيت حتى تقضى عليه عوامل البيئة المختلفة من شمس ورياح وهى من العادات المتعارف عليها قديما ولا زالت تمارس إلى اليوم
هذا باختصار فيما يتعلق بالحمل والميلاد والنفاس والتسمية وما يرتبط بها من عادات وطقوس وتقاليد شعبية عند قبائل البني عامر والحباب.
فنون الأداء الشعبي:-
إننا من خلال كتابتنا عن الفلكلور البجاوي نحاول أن نتلمس الخيوط الأساسية والمشتركة التي تجمع بين إشكال الممارسات التراثية التي يذخر بها مجتمعنا البجاوي بمحاولة جادة لدراسة الممارسة الحياتية للمجتمع والتي تعكسها الثقافة المميزة والتي هي قطعا عنوان الشعوب والمداخل إلى معرفة أسراره وتفاصيل حياته وكما قيل الفنون قامة الشعوب وسنتناول عبر هذه الفقرات والتي تليها جزءا من الفلكلور والذي يعرف بـ( فنون الأداء الشعبي ) بتقاسيمه المختلفة .
ففنون الأداء الشعبي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية : -
الموسيقى الشعبية .
الرقص الشعبي .
الدراما الشعبية.
فالموسيقى الشعبية يعنى بها كل الموسيقى الشعبية والأغنيات والتي تنتقل شفاهة اعتمادا على الآذان والذاكرة ،أما الرقص الشعبي فهو الذي يتم أداؤه بواسطة الناس سواء كان بشكل فردى أو جماعي وهو عبارة عن تفاعل فردى بواسطة تمازج من الحركة الجسدية تعبر عن جميع ما يواجه الإنسان في حياته فهناك الرقص الذي يعبر عن الفرح والحزن والحرب واختيار الأزواج وغيرها .. وفيما يختص بالدراما الشعبية فهي غالبا ما تتعلق بالألعاب والملابس والرقصات ثم بعض الطقوس والعادات ويتم ذلك باستخدام بعض الأقنعة والأزياء والملابس وقد يكون ذلك باصطحاب بعض الموسيقى والرقص فالدراما عموما تمارس لتواصل فكرة معينة تدور بخلد الممارسين لها ويمكن أن تتخذ الدراما الشعبية أي مكان لتجرى فيه حواراتها وتفاصيل مشاهدها حيث لا يشترط وجود مسرح وستار وجمهور ولكن تشترك الدراما عموما مع الدراما الشعبية بوجود الممثلين بكل منهما.. و اننا خلال هذه الفقرات سنتناول الحديث عن الموسيقى الشعبية بقسميها الموسيقى والأغنية الشعبية ويأخذنا الحديث عن هذا الجانب إلى الميل قليلا إلى الآلة الشعبية المعروفة في السودان باسم (الطمبور) والتي تعرف بمجتمعنا باسم (مسنغو)(masangho) والتي من المرجح أن تكون قد دخلت السودان عن طريق البحرالأحمر كامتداد للحضارة البابلية والتي كانت تعرف باسم (الكنارة) .
تصنع الربابة من مواد محلية مثل الخشب الذي يكون على شكل مثلث ينتهي إلى تجويف من صحن قديم مغطى بالجلد وتشد علية خمسة أوتار من الأسلاك التي يعزف عليها و تتميز الربابة في شرق السودان عن غيرها في مناطق السودان المختلفة بأنها تعزف دون مصاحبة الغناء كما هو الحال في شمال السودان مثلا والذي يعرف بغناء الطنبور. وهذه المقطوعات تترجم لإحساسات الداخلية للفرد لتخرج في شكل أنغام تصف جمال الطبيعة ولحن الشجن والشوق أو بالأحرى هي لغة يفهما أهل الريف حين يصدح صوت أوتارها وتحكى مثلا ورود الماء بالنسبة للبهائم والمواشي وهى سفر يحفظ التاريخ والبطولات يثرى الأجيال يقرونا فيه حكاياتهم وبطولاتهم مدونة في شكل انغام ..هذا الطمبور (المسنغو) له أوتار عديدة لكل منها ضربات خاصة لها مناسباتها واستخدامها فمثلا الوتر:
(بئسياى) :- تعزف علية مقطوعات مثل ( قاشياى وابكراى ) واللذان يعزفان للتعبير عن الفرح والسرور وغالبا ما يعزف في أيام الزواج والمناسبات السعيدة وغالبا ما تسبق هذه المقطوعات بعض الأنغام الخفيفة والتي تعزف بأصابع اليد اليسرى تعرف باسم (غنيوت) دون مصاحبة الريشة ...
وكذلك هنالك العديد من الضربات التي تعزف على هذا الوتر مثل :-
(دهرياى) : مقطوعة خاصة تعزف للمطر والطبيعة والبيئة وتدعو إلى الاستمتاع بها .
(قليل): مقطوعة تعبر عن الفروسية والإقدام وملامح الشجاعة ويقال انه قد عزفها احد فرسان البني عامر يدعى إدريس على بخيت
(دريس): وقد عزف هذه المقطوعة صاحب دريس وهو جمل استطاع اللحاق بابل مسروقة من منطقة أبو دريس في اعالى ستيت وحتى كسلا .
أما الوتر الثاني فيعرف باسم( شمبر) وهو وتر رقيق تعزف علية مقطوعات رائعة توحي بجمال البيئة والطبيعة منها :
(ساوا كلى) : وفيها وصف للعصافير عند الصباح الباكر وخرير المياه.
(شادة ابو الدهب) و(شادة تركوى): وكلها تعبر عن جمال الطبيعة وروعتها .
أما الوتر الأخير فيعرف باسم( دوارباى) والذي تعزف علية مقطوعات وضربات تلهب الحماس وتضرب في أوقات الحرب والكر .
(اينين): وهى ضربة تجمع بين الحماس والشجن .. والحنين إلى مرابع العشق وديار الأحباب وتعزف علية مقطوعات للشجاعة والبسالة والإقدام مثل :
(سبب) : وتر خاص ببيت النظارة (الناتاب)
(بايراينين): وهى مقطوعة توحي بكل معاني الإنسانية النبيلة.
(سفلال): وهى مقطوعة رائعة توحي بالشجن والشوق والحنين الفياض ويقال انه عزفها احد فتيان العشيرة ويدع محمد ادريساى اى يدكل .. حسب ما ذكر لي الأخ محمد سليمان رئيس فرقة تراث البني عامر والحباب في إحدى لقاءاتي معه عبر الإذاعة. من كل ما تقدم يتضح لنا الدور الذي تلعبه هذه الآلة الموسيقية البسيطة باحتوائها لتاريخ وحكايات المجتمع ، هذا فضلا عن دورها الأساسي في مصاحبة
المصدر منتدى قبائل الحباب على الفيس بوك