مجموعة من المقالات في الفلكلور عند قبائل البني عامر والحباب 2
--------------------------------------------------------------------------------
الحمل
نجد أن مرحلة الحمل عند نساء البني عامر والحباب تختلف من حيث حالة المرأة بكرا أو ثيبا فإذا كانت بكر وكان أول حمل لها فهي دائما تخفيه عن زوجها وأول ما يعرف أمها ولا يعرف الزوج ألا بعد ظهور الحمل على شكل البطن ثلاثة أشهر.
عادة ما يصاحب الحمل ممارسات تعتبر طقسا في حدة ذاتها فبعد أن تصل المرأة الحامل إلى ثلاث أشهر في حملها تبدأ هذه الطقوس بإشعار الأهل والعشيرة بإخبارهم بان هنالك حمل وذلك بصنع البليلة أو ذبح كبش أو بهيمة حسب الوضع الاقتصادي وتوزع على الأهل والجيران وفى الشهر السابع هنالك وجبة توكل وهى وجبة العصيدة بالروب وتأتى الصديقات والقريبات اللاتي يساعدن في مشاط المرأة الحامل. ويربط الكمون الأسود (الحبة السوداء) في الشهر التاسع وذلك اعتقادا من النساء انه يحرس الحامل من العين الشريرة والجن ولأتخرج المرأة الحامل من البيت لاى سبب من الأسباب ولا تقابل أهل الزوج حتى وان كانت أم الزوج وتتغطى منها أذا رأتها ويمكن للمرأة أن تلبس أي لون من الألوان عدا اللونين الأبيض والأسود لأنه ارتبط عند قبائل البني عامر والحباب بنوع الأقمشة التي تستخدم في كفن الميت كالدبلان والذي ترديه الأرملة في فترة الحبس أو العدة أما اللون الأسود فانه ارتبط بالأرواح الشريرة التي تسكن الكلاب والقطط السوداء في معظم مناطق السودان المختلفة.
تهتم أم الحامل بابنتها كثيرا من ناحية الغذاء فنجد أن هنالك إكثار من السمن وذلك لاعتقادهن بان السمن به مادة غذائية تعين الحامل في عملية الولادة ويمكن أن تضع جنينها دون مشقة وكذلك يكثرون من شراب اللحم أو الحساء ولا تكلف المرأة باى أعباء لتجتاز فترة الوضوع التي يتخوفن منها كثيرا وذلك لنوعية الخفاض الفرعوني المتشدد وهنالك أيضا نوع من الطعام الخاص والذي يعرف بوجبة (القشيشة) والتي تتكون من الذرة والقمح .
ومن الاعتقادات السائدة عندهن انه أذا كانت هنالك اى ذبيحة في القرية أو المنطقة فلا بد من إرسال شئ للحامل وذلك حسب اعتقادهن بأنه يحمى الحامل من سقوط الجنين قبل موعده وقبل الوضوع تعطى المرأة الحامل ماء لتشربه من شيخ أو فكي وذلك ليسهل عملية الوضوع فيما بعد وتقوم الحامل بمسح صدرها بالماء المتبقي وغالبا ما تكون الآيات التي يقراها الشيخ في الماء من المعوذتين والإخلاص وأية الكرسي وسورة يس.
ثانيا:- الميلاد أو الوضوع
غالبا ما تضع المرأة مولدها في الأرياف على سرير خشبي وهو سرير كبير ليس (ارقى سندى) ويكون معلقا فوقه حبل لكي تمسك به المرأة التي تريد أن تضع حملها وغالبا ما تكون معها الداية وإلام وأخواتها ولا يمكن للحماة أو النسيبة أن تدخل معهن في الحجرة مهما كانت الأسباب ويوضع أمامها ستار يعرف بـ(الكجرة) أمام السرير ويعلق جرس في مدخل الحجرة وذلك خوفا من العين وتوقد النار كل مساء لفترة أربعين يوما خارج البيت لطرد الأرواح الشريرة وتذبح في يوم الوضوع بهيمة تعرف ب (ايات ايات) كتكريم أو شكر ومن العرف انه لا يمكن لاى رجل أن يقابلها ألا بعد أن تخرج بعد أربعة اشهر وعادة ما يعمل الكحل ويرسم على جبهة المولد شكل علامة الخلود عند الفراعنة والنوبيين وسنتطرق إلى تفسير هذه العلامة الثقافية والتاريخية في حلقات قائمة بمشيئة الله وهنالك من يؤذن للمولد في أذنه اليمنى ويقيم الصلاة على أذنه اليسرى ليكون مرتبط بالصلاة والمسجد. وإذا تعسرت الولادة تذهب أم الحامل إلى الشيخ ليدعو أو إعطاءهن آيات أو محاية تسمى( بالمسهل).
ومن العادة أن لا تذهب المرأة إلى بيت زوجها ألا بعد أن تضع مولدها الأول وبعد فترة النفاس لا بد أن يدفع الزوج ذهبا أو مالا أو ملابس ويكافئ المرأة التي قامت بخدمة زوجته ثم بعد ذلك يمكن له أن يأخذ زوجته معه إلى بيته. وفى فترة الوضوع والنفاس تخلع المرأة ما بها من زينة وتلبس زينتها من السعف . وقبل خروجها مع زوجها يعمل لها كرامة وتخرج معه فئ الظلام وإذا كان المكان بعيدا فيمكن أن يخرجا في الصباح الباكر وهو نوع من الحياء والتدلل.
ثالثا:- ما يفعل بالمولد
أذا كان المولود ذكرا تزغرد النساء وتعم الفرحة ويزغرد له سبع مرات والزغرودة تسمى (علال) أما أذا كانت أنثى فلا يزغردن لها في كثير من ألاحينا وقد تكون واحدة وتجد عدم الاهتمام بالأنثى فإذا ولدت لأحدهم أنثى فلا يرضى ولا يهتم من يكون اسمها وقد تمر فترة من الوقت قل تصل إلى سنة في بعض الأحيان وهو لا يحملها بين زراعيه.
ويلبس المولود بعض أدوات الزينة مثل الفضة عند المفاصل والرقبة وذلك في اعتقادهم بان الفضة معدن نبيل وهو حماية من الجنون والأرواح الشريرة وبعد مرور الأسبوع على ولادته سواء كان ذكر أو أنثى يعلق له حجاب من القران الكريم يسمى (سبعات). وتوقد نار فترة أربعين يوما وهو معروف قديم عند البني عامر والحباب ويكون ذلك بعد الغروب بين مكان المولود ومكان الناس الآخرين ولا يمر احد في هذه المساحة ولا يدخل اى شخص على النفساء عدا النساء أما أذا كان المولود أنثى فلا توقد نار ويمكن أن يمر الناس أمام البيت دون حرج وتزين المولوده بالخرز والسكسك والدبيره. ولقد كان في الزمان السابق كما يقلون أنهم كانوا يثقبون أذن المولود لكي يلبس حلق من الذهب وهو بوزن شعر المولود الذي يحلق له أما الأنثى فتزين بالسوميت وهو عقد مصنوع من الخرز والأحجار الكريمة ويدهن شعر المرأة النفساء ويمشط ويكثر لها من اللبن والسمن والمديدة والسليقة تحت إشراف أمها. وهنالك بعض الطقوس والمعتقدات أما تفاؤل أو تشاؤما في فترة ما بعد الولادة مباشرة التي تسمى (جرس) فلاوانى التي تستخدمها الوالدة لا يلمسها اى شخص فكل شي خاص بالمرأة النفساء لا يلمسه اى احد ولا يذهب إلى الجيران مثل الفنجان وأوانيها التي تستخدمها. وهنالك أصوات يتشاءمون منها في الأيام السبع الأولى فيخشى من سماع الأصوات المنكرة مثل أصوات الحمير وبعض الأصوات الليلية كالبومة وغيرها وإذا حدث هذا فتقوم الأم بأخذ عصا وتضرب بها إحدى شعاب البيت سبع ضربات في الغالب وفى نفس الوقت يتفاءلون ببعض الأصوات مثل صوت الديك وأصوات العصافير.
رابعا:- اختيار الاسم السماية
تكون عملية التسمية عادة جماعية ويشارك فيها اغلب أهل القرية أو المنطقة فأول ما يعمل هو حلاقة المولود بواسطة احد الأطفال شرط أن يكون أبواه على قيد الحياة فإذا لم يستطع الصبي حلاقة رأس المولود لخوفه أو اضطرابه فيقوم بأخذ الموس ويضعها على رأس المولود ويجئ احد الأشخاص الموثوق بهم وصاحب سيرة حسنه فيقوم بحلق شعر رأس المولود وهذا الشعر المحلوق لا يهمل قط بل يؤخذ ويوضع في قطعة من الجلد مع وجود سعفة ويعلق فوق رأس المنزل وهذه السعفة وعودها تسمى (الشنكيباى) وتنصب في أعلى المنزل ويوضع فيها شعر المولود فان كان المولود ذكرا فيوضع شعره في هذا (الشنكيباى) وتنصب العصا إلى اعلي وتكون واضحة من على البعد أما أذا كان المولود أنثى فيوضع الشعر فقط ولا تنصب العصا إلى أعلى. وعادة تتم التسمية أذا كان الأب أو الأم ليس لهما اسم معين وذلك بأخذ أوراق من شجرة العشر وتكون سبع أوراق يكتب على كل ورقة اسم ثم ينادى على صبى شرطا أن يكون والده على قيد الحياة فيختار واحدة من هذه الأوراق ويكون الأطفال مجتمعين وهم متشابكى الايدى ويعطونهم لبنا وماء وذرة وبعد أن يختار الصبي يجرون في اتجاهات مختلفة معلنين الاسم قائلين (محمد لعبى) اى محمد يكبر أما أذا كانت أنثى فيقولون (فاطمة تعبى) اى فاطمة تكبر وفى بعض الأحيان تقوم بعض النساء بالرجوع إلى الشيخ ويسأله عن الأيام فيقول لهن في يوم كذا وكذا سموا كذا وكذا وليس هنالك يوم محدد يرتبط باسم معين ولكن يفعلون ذلك من باب التفاؤل.
والمسئول عن التسمية دائما هو الأب وعادة ما يسموا بأسماء الأجداد والإبطال والفرسان أو أسماء بعض الشيوخ الصالحين وأسماء الأنبياء. وألام عادة لا تذكر اسم ابنها الحقيقي خاصة أذا كان اسم جدة لأبيه وذلك احتراما لهذا الاسم وتطلق عليه احد الألقاب المشهورة مثل نوراى، باره عافة وغيرها. وهنالك أيضا الكي بعد مرور الأسبوع الأول من الولادة فيكوى المولود في صدره اعتقادا منهم بان يكون المولود حساسا أو شجاعا ومنهم من يكويه بعد شهر. وفى يوم السماية كما هو معروف تذبح الذبائح فإذا ذبح خرفان يكون الأول للسماية والأخر كرامة وذلك لكي يكفى المعازيم والضيوف ويذبح خروف السماية في حفرة وكل مخلفات وعظام الخروف تجمع في هذه الحفرة وتغطى بعد ذلك. ويذهب خروف السماية إلى النساء ويطهى لحمة لوحدة دون الخروف الأخر ولكن لا يسمح بان ترمى أي عظمة في الخارج ابدأ ولذلك تجمع كل العظام حتى وان كانت بعيدة منهم وذلك لكي لا يتعرض لها الكلاب وذلك حفظا على المولود ولذلك يعطى الخروف السماية بالتحديد للنساء لان اهتمامهن بهذه العادة أكثر من الرجال.
وفى الغالب الأحيان يفطم المولود بعد سنتين ويسقى أول ما يسقى لبن الماعز وذلك في فنجان أول الأمر وهم يفضلون لبن الماعز أكثر من اى لبن أخر في هذه المرحلة.
ومن أشهر الأسماء لديهم عند الذكور الأسماء المعبدة مثل عبد الله عبد الرحمن وأسماء التحميد كمحمد واحمد وكذلك أسماء الأنبياء مثل إدريس وموسي وغيرها من المركبة محمد عثمان محمد صالح ويعمل للبنت سماية فقط أما بقية الطقوس المصاحبة لها فهي خاصة بالمولود الذكر فقط خاصة في الشنيكيباى ى الذي يكون منصوبا إلى أعلى ويوضع أعلى المنزل ويوضع فيه الشعر فلا بد أن يكون منصوبا إلى أعلى في حالة المولود الذكر وهو من الأشياء الضرورية جدا في البيت العمراوى ويكون مربطا معه عظميات السيقان الأربعة لخروف السماية وتأخذه الام معها إلى كل مكان ترحل أليه ولا ينزل من أعلى البيت حتى تقضى عليه عوامل البيئة المختلفة من شمس ورياح وهى من العادات المتعارف عليها قديما ولا زالت تمارس إلى اليوم
هذا باختصار فيما يتعلق بالحمل والميلاد والنفاس والتسمية وما يرتبط بها من عادات وطقوس وتقاليد شعبية عند قبائل البني عامر والحباب.
فنون الأداء الشعبي:-
إننا من خلال كتابتنا عن الفلكلور البجاوي نحاول أن نتلمس الخيوط الأساسية والمشتركة التي تجمع بين إشكال الممارسات التراثية التي يذخر بها مجتمعنا البجاوي بمحاولة جادة لدراسة الممارسة الحياتية للمجتمع والتي تعكسها الثقافة المميزة والتي هي قطعا عنوان الشعوب والمداخل إلى معرفة أسراره وتفاصيل حياته وكما قيل الفنون قامة الشعوب وسنتناول عبر هذه الفقرات والتي تليها جزءا من الفلكلور والذي يعرف بـ( فنون الأداء الشعبي ) بتقاسيمه المختلفة .
نشرهابصحيفة اكوبام الصادرة من رابطة طلاب جنوب طوكر
المصدر منتدى قبائل الحباب