مجموعة من المقالات في الفلكلور عند قبائل البني عامر والحباب 1
--------------------------------------------------------------------------------
مجموعة من المقالات في الفلكلور عند قبائل البني عامر والحباب:::
أن هذا الفلكلور ينقسم إلى أربعة أقسام رئيسية هي :-
1/ العادات والتقاليد الاجتماعية الشعبية.
2/ فنون الأداء الشعبي
3/ الأدب الشفاهى.
4/ الثقافة المادية .
العادات والتقاليد الاجتماعية الشعبية:-
العادات الاجتماعية تعتبر ظاهرة أساسية من ظواهر الحياة الاجتماعية الإنسانية فهي أولا فعل اجتماعي ولابد من ارتكازها على تراث يدعمها ويغذها وهى في الغالب تنتمي إلى مجتمع ريفي أكثر منه حضري كما ولابد من ارتباط العادة الاجتماعية برمز معين كالمناسبات الدينية أو بإحداث معينة في الحياة الفرد كالميلاد والختان والزواج أو الوفاة وتتخذ العادة الاجتماعية إشكالا متعددة وصورا متباينة تبعا لتغيرات عديدة في الإفراد الذين يمارسونها مثلا في إعمالهم الدينية، المهنية والنظرة إلى الحياة وعموما تمارس العديد من العادات الاجتماعية والتقاليد في مجتمعنا البجاوي على وجه الخصوص والذي يذخر بالعديد من الأمثلة كما في طقوس دورة الحياة ( الولادة ) المراسيم الجسدية الزواج الوفاة أيضا العادات المرتبطة بممارسة بعض المراسم والمناسبات وإذا أخذنا الأمر قياسا على العادات الاجتماعية عند قبائل البني عامر والحباب نجد أن الأمر لا يختلف كثيرا حيث يأخذ الزواج حيزا كبيرا في العادات الاجتماعية عند هذه القبائل وهو ما نحن بصدد تناوله في فقراتنا التالية بشي من التفصيل.
بدءا وقبل الدخول في تفاصيل هذا الموضوع لابد من أسجل صوت شكر لكل الذين أسهموا معي في بحثي عن موضوعات التراث من هذه القبائل وتحية خاصة للأخ محمد سليمان محمد رئيس فرقة تراث أبناء البني عامر والحباب بولاية البحر الأحمر الذي كان له القدح المعلى في تدعيمي بكثير من المعلومات حول التراث وذلك من خلال لقاءتى وحواراتي الإذاعية معه والتي بثت عبر إذاعة ولاية البحر الأحمر أو الإذاعة القومية بامدرمان وكثير ما دار الحوار حول العادات الاجتماعية موضوع حديثنا فلهم منى التحية.
الخطوبة
في العادة يهتم أهلنا بمسالة الزواج المبكر للشباب كما حث بذلك الإسلام تثبيتا للأخلاق الحميدة والفضائل في المجتمع وكما يحث على ذلك احد أمثالنا الشعبية ( قياس لأليك وهداي نشأك حر اى بلسكا ) ويعنى انك أذا سريت ليلا وتزوجت في مقتبل العمر فان ذلك لا يصيبك بالندم طوال حياتك وهذا ما يجعل الآباء يسعون لاستقرار أبنائهم وذلك بالبحث عن المرأة المناسبة في محيط الأسرة الواحدة حفاظا على صلة الرحم والدم وعادة ما تبدأ مراسيم الخطوبة بالمباركة من وجهاء الأسرة ومن ثم يدفع بعض المال لام العروس يعرف عادة بـ(فتح أم) وذلك لتجهيز العروس وزينة بيتها ويتسلم أهل العريس (طاقة) من القماش الأبيض تسمى (طاقة شقر) والشقر هو العد أو الأهل أو الفريق يأخذ هذه الطاقة كبير الأسرة ويوزعها على الضيوف الحي والأسرة والمساكين.
وللنساء زفتهن في هذه المناسبة حيث يسرن في موكب يغطيه قماش ابيض تمسكه أربع نساء من أطرافة الأربعة يسير هذا الموكب من أهل العريس إلى أهل العروس يحملن معهن بعض المواد العينية كالبن والسكر والروائح ويرددون إحدى الأغنيات المشهورة في مثل هذه المناسبات (بسم الله يهو بركة) وتعنى أن نبد باسم الله تعميما للبركة من اختار ابننا الوسيم لأحدى حسناوات الحي التي تنضح بياضا ونضارة كالحليب وذلك وسط جو مفعم بالزغاريد إيذانا وفرحة بمقدم عروسين على طريق الحياة الزوجية ويتبع ذلك من أهل العريس أيضا جوال من الذرة يحمل في الغالب على جمل يساق لأهل العروس والذين يقسمونه في شكل بليلة للجيران وأهل الحي والغريب في الخطوبة أن البنت لا ترى خطيبها مطلقا ولا تقابله ولا احد من أخوانه وحتى أبيه وذلك إمعانا في الحياء والأدب وحتى لا تتهم بالخفة الزائدة التي قد تحط من مقدارها عند زوجها في المستقبل أو تكون عرضه لشماتة النساء حتى بعد زواجها.
الزواج
عادة ما يتم ميعاد الزواج باتفاق عرفي بين الطرفين ويكون في الغالب في أيام يتفاءلون بها كالجمعة مثلا أو في مناسبات سعيدة كعاشوراء وشوال وربيع الأول وعند اليوم الذي يسبق الزواج أو قبلة بأيام يسير موكب العريس إلى أهل العروس ويكون بالإبل خاصة في الأرياف ويصلون في المساء اليوم الذي يسبق عقد الغران.
عند إشراق شمس اليوم الثاني يجلس الجميع في شكل حلقة دائرية يتبادلون فيها الهبات والعطايا ويكون نصيب الأسد في هذه الهبات للعروسين حيث يكون عطايا العريس لعروسة من البهائم وتمنح العروس أيضا من أهلها أيضا ومن أهل العريس ومن ثم يتم عقد الغران بعد إن منح العروسان ما يضمن لهم حياة سعيدة.
والغريب في الأمر انه عند بعض القبائل يولى وكيل العروس وجهه ناحية شروق الشمس بينما يولى وكيل العريس وجهه الغروب ولا ندرى ما السر في ذلك حتى ألان وقد أخذت هذه الظاهرة ألان في الاضمحلال إلا في بعض الأرياف.
بعد انتهاء عقد غران الزواج يتوجه موكب العريس عائد إلى دياره وذلك بمصاحبة المدائح النبوية والرقصات الشعبية المختلفة إيذاننا ببداية أيام العرس والفرح والتي تعرف( بوقد) تستمر أسبوعا أو أكثر، وفى مساء نفس اليوم ينطلق موكب العروس إلى بيت زوجها وغالبا ما ترحل في هودج على ظهر البعير إلى إن تصل بيتها وعند الوصول يستقبلها أهل العريس باللبن الذي يرشه على وجهها طفل صغير لا يتجاوز عمره خمسة عشر عاما يسمى(ود حمية) ولا تنزل من هودجها إلا أن يدفع أهل العريس بعض المال تطلبه وزيرتها يعرف بـ( بركات) أو (رفعت) وعندها تغنى النساء من أهل العريس دالينا منكم ويعنى أننا قدا خذنا حاجتنا منكم عندها تبكى العروس فتغنى لها النساء من أهلها داليت داليت عد حموها فتيت عد أبوها أبيت ويعنى أنها ذاهبة بإرادتها الكاملة وقد أحبت أهل زوجها وفضلتهم على أهلها وبعد ذلك يحملها احد الرجال من الزوج حتى مدخل بيتها
العشل
في صباح اليوم التالي لوصول العروس يدخل العريس إلى بيته في حاشية من وزارته ووجهاء الأسرة وتقام مراسم العشل وهو عبارة عن نبات اخضر وماء ولبن وقليل من الذرة تخلط مع بعضها في إناء خاص وهو واحد من الطقوس الوافدة من جنوب الجزيرة العربية ويكون العريس بسرواله الطويل المميز ويحمى صدره بشي خفيف ويكون حافي الرأس ويسكب ذلك الخليط على رأسه من الجهة الأمامية ويقوم بعمل العشل رجل هادئ ورزين يكون أبواه على قيد الحياة تيمن وتفأل به وبعد ذلك يلبس على رأسه مايعرف بـ( قبانية) ومن ثم العمامة ويكمل لبس الجلباب والصديرى والثوب الذي يلف حول الصدر في شكل علامة(×) ويجلس على حجرة ود حمية سالف الذكر ثم يقرا شيئا من القران ويخرج من بيته برجلة اليمنى مع مصاحبة المدائح النوبية ومن ثم يذبح كبشا والغريب في الأمر أن أصدقاء العريس وصديقات العروس يتسابقون للحصول على قلب هذا الكبش اعتقادا منهم أن من يأكله من العروسين سيمسك قلب الأخر.
أما عشل العروس فيكون غالبا في بيت أبيها قبل وصولها بيت زوجها بطريقة لا تختلف كثيرا من العريس ألا أنها بواسطة النساء وتلبس لذلك ثوبا جديدا من القماش المتوفر ويكون في الغالب تسعة أمتار وتصاحب مراسم العشل أم العريس خاصة بعض الأغنيات من النساء مثل( دوبا حري)ر ودوبا هو العريس ويعنى انه قد لبس ارقي واغلي الثياب بعد انتهاء الزواج يدخل العريس بيته بعد ليلة تكون معطرة بأريج المدائح النوبية ومن الطريف انه أحيانا لا يجد العروس في بيتها وقد تستمر فترة غيابها إلى أكثر من أسبوع أحيانا أو شهر كامل ولذلك يدفع العريس بعض المال إحدى النساء لكي تعمل على حراستها وتضمن وجودها بالبيت فينا يعرف بـ( سكبات) او (اسكبوت) حتى دخول زوجها وتظل العروس في بيتها هذا لا تخرج منه حتى انقضاء عام كامل على الزواج والذي تقام له مراسم خاصة يبدأ بأكل النبق والسمن البلدي الأصيل وطيلة حياتهما لا تأكل المرأة مطلقا مع زوجها وهو كذلك لا يأكل مع أبيها ولا تناديه باسمه ولا تذكر اسم والده احترام وتقديسا وحتى إذا سمى احد أبنائها باسم جدة لأبيه لا تناديه به مطلقا بل تطلق عليه إحدى الألقاب التي توحي بالسعادة والتفاؤل مثل( اسناى، باره، عافة ... الخ)هذا باختصار شديد فيما يتعلق بطقوس الخطوبة والزواج والفرح عند قبائل البني عامر والحباب كأحد روافد العادات والتقاليد الاجتماعية والشعبية عند هذه القبائل.
المصدر منتدى قبائل على الفيس بوك