مجموعة من المقالات في الفلكلور عند قبائل البني عامر والحباب5
--------------------------------------------------------------------------------
هذه مجموعة من المقالات كتبها الاستاذ حامد الناظر وتم نشرهابصحيفة اكوبام الصادرة من رابطة طلاب جنوب طوكر
الزواج
عادة ما يتم ميعاد الزواج باتفاق عرفي بين الطرفين ويكون في الغالب في أيام يتفاءلون بها كالجمعة مثلا أو في مناسبات سعيدة كعاشوراء وشوال وربيع الأول وعند اليوم الذي يسبق الزواج أو قبلة بأيام يسير موكب العريس إلى أهل العروس ويكون بالإبل خاصة في الأرياف ويصلون في المساء اليوم الذي يسبق عقد الغران.
عند إشراق شمس اليوم الثاني يجلس الجميع في شكل حلقة دائرية يتبادلون فيها الهبات والعطايا ويكون نصيب الأسد في هذه الهبات للعروسين حيث يكون عطايا العريس لعروسة من البهائم وتمنح العروس أيضا من أهلها أيضا ومن أهل العريس ومن ثم يتم عقد الغران بعد إن منح العروسان ما يضمن لهم حياة سعيدة.
والغريب في الأمر انه عند بعض القبائل يولى وكيل العروس وجهه ناحية شروق الشمس بينما يولى وكيل العريس وجهه الغروب ولا ندرى ما السر في ذلك حتى ألان وقد أخذت هذه الظاهرة ألان في الاضمحلال إلا في بعض الأرياف.
بعد انتهاء عقد غران الزواج يتوجه موكب العريس عائد إلى دياره وذلك بمصاحبة المدائح النبوية والرقصات الشعبية المختلفة إيذاننا ببداية أيام العرس والفرح والتي تعرف( بوقد) تستمر أسبوعا أو أكثر، وفى مساء نفس اليوم ينطلق موكب العروس إلى بيت زوجها وغالبا ما ترحل في هودج على ظهر البعير إلى إن تصل بيتها وعند الوصول يستقبلها أهل العريس باللبن الذي يرشه على وجهها طفل صغير لا يتجاوز عمره خمسة عشر عاما يسمى(ود حمية) ولا تنزل من هودجها إلا أن يدفع أهل العريس بعض المال تطلبه وزيرتها يعرف بـ( بركات) أو (رفعت) وعندها تغنى النساء من أهل العريس دالينا منكم ويعنى أننا قدا خذنا حاجتنا منكم عندها تبكى العروس فتغنى لها النساء من أهلها داليت داليت عد حموها فتيت عد أبوها أبيت ويعنى أنها ذاهبة بإرادتها الكاملة وقد أحبت أهل زوجها وفضلتهم على أهلها وبعد ذلك يحملها احد الرجال من الزوج حتى مدخل بيتها
العشل
في صباح اليوم التالي لوصول العروس يدخل العريس إلى بيته في حاشية من وزارته ووجهاء الأسرة وتقام مراسم العشل وهو عبارة عن نبات اخضر وماء ولبن وقليل من الذرة تخلط مع بعضها في إناء خاص وهو واحد من الطقوس الوافدة من جنوب الجزيرة العربية ويكون العريس بسرواله الطويل المميز ويحمى صدره بشي خفيف ويكون حافي الرأس ويسكب ذلك الخليط على رأسه من الجهة الأمامية ويقوم بعمل العشل رجل هادئ ورزين يكون أبواه على قيد الحياة تيمن وتفأل به وبعد ذلك يلبس على رأسه مايعرف بـ( قبانية) ومن ثم العمامة ويكمل لبس الجلباب والصديرى والثوب الذي يلف حول الصدر في شكل علامة(×) ويجلس على حجرة ود حمية سالف الذكر ثم يقرا شيئا من القران ويخرج من بيته برجلة اليمنى مع مصاحبة المدائح النوبية ومن ثم يذبح كبشا والغريب في الأمر أن أصدقاء العريس وصديقات العروس يتسابقون للحصول على قلب هذا الكبش اعتقادا منهم أن من يأكله من العروسين سيمسك قلب الأخر.
أما عشل العروس فيكون غالبا في بيت أبيها قبل وصولها بيت زوجها بطريقة لا تختلف كثيرا من العريس ألا أنها بواسطة النساء وتلبس لذلك ثوبا جديدا من القماش المتوفر ويكون في الغالب تسعة أمتار وتصاحب مراسم العشل أم العريس خاصة بعض الأغنيات من النساء مثل( دوبا حري)ر ودوبا هو العريس ويعنى انه قد لبس ارقي واغلي الثياب بعد انتهاء الزواج يدخل العريس بيته بعد ليلة تكون معطرة بأريج المدائح النوبية ومن الطريف انه أحيانا لا يجد العروس في بيتها وقد تستمر فترة غيابها إلى أكثر من أسبوع أحيانا أو شهر كامل ولذلك يدفع العريس بعض المال إحدى النساء لكي تعمل على حراستها وتضمن وجودها بالبيت فينا يعرف بـ( سكبات) او (اسكبوت) حتى دخول زوجها وتظل العروس في بيتها هذا لا تخرج منه حتى انقضاء عام كامل على الزواج والذي تقام له مراسم خاصة يبدأ بأكل النبق والسمن البلدي الأصيل وطيلة حياتهما لا تأكل المرأة مطلقا مع زوجها وهو كذلك لا يأكل مع أبيها ولا تناديه باسمه ولا تذكر اسم والده احترام وتقديسا وحتى إذا سمى احد أبنائها باسم جدة لأبيه لا تناديه به مطلقا بل تطلق عليه إحدى الألقاب التي توحي بالسعادة والتفاؤل مثل( اسناى، باره، عافة ... الخ)هذا باختصار شديد فيما يتعلق بطقوس الخطوبة والزواج والفرح عند قبائل البني عامر والحباب كأحد روافد العادات والتقاليد الاجتماعية والشعبية عند هذه القبائل.
الحمل
نجد أن مرحلة الحمل عند نساء البني عامر والحباب تختلف من حيث حالة المرأة بكرا أو ثيبا فإذا كانت بكر وكان أول حمل لها فهي دائما تخفيه عن زوجها وأول ما يعرف أمها ولا يعرف الزوج ألا بعد ظهور الحمل على شكل البطن ثلاثة أشهر.
عادة ما يصاحب الحمل ممارسات تعتبر طقسا في حدة ذاتها فبعد أن تصل المرأة الحامل إلى ثلاث أشهر في حملها تبدأ هذه الطقوس بإشعار الأهل والعشيرة بإخبارهم بان هنالك حمل وذلك بصنع البليلة أو ذبح كبش أو بهيمة حسب الوضع الاقتصادي وتوزع على الأهل والجيران وفى الشهر السابع هنالك وجبة توكل وهى وجبة العصيدة بالروب وتأتى الصديقات والقريبات اللاتي يساعدن في مشاط المرأة الحامل. ويربط الكمون الأسود (الحبة السوداء) في الشهر التاسع وذلك اعتقادا من النساء انه يحرس الحامل من العين الشريرة والجن ولأتخرج المرأة الحامل من البيت لاى سبب من الأسباب ولا تقابل أهل الزوج حتى وان كانت أم الزوج وتتغطى منها أذا رأتها ويمكن للمرأة أن تلبس أي لون من الألوان عدا اللونين الأبيض والأسود لأنه ارتبط عند قبائل البني عامر والحباب بنوع الأقمشة التي تستخدم في كفن الميت كالدبلان والذي ترديه الأرملة في فترة الحبس أو العدة أما اللون الأسود فانه ارتبط بالأرواح الشريرة التي تسكن الكلاب والقطط السوداء في معظم مناطق السودان المختلفة.
تهتم أم الحامل بابنتها كثيرا من ناحية الغذاء فنجد أن هنالك إكثار من السمن وذلك لاعتقادهن بان السمن به مادة غذائية تعين الحامل في عملية الولادة ويمكن أن تضع جنينها دون مشقة وكذلك يكثرون من شراب اللحم أو الحساء ولا تكلف المرأة باى أعباء لتجتاز فترة الوضوع التي يتخوفن منها كثيرا وذلك لنوعية الخفاض الفرعوني المتشدد وهنالك أيضا نوع من الطعام الخاص والذي يعرف بوجبة (القشيشة) والتي تتكون من الذرة والقمح .
ومن الاعتقادات السائدة عندهن انه أذا كانت هنالك اى ذبيحة في القرية أو المنطقة فلا بد من إرسال شئ للحامل وذلك حسب اعتقادهن بأنه يحمى الحامل من سقوط الجنين قبل موعده وقبل الوضوع تعطى المرأة الحامل ماء لتشربه من شيخ أو فكي وذلك ليسهل عملية الوضوع فيما بعد وتقوم الحامل بمسح صدرها بالماء المتبقي وغالبا ما تكون الآيات التي يقراها الشيخ في الماء من المعوذتين والإخلاص وأية الكرسي وسورة يس
ثانيا:- الميلاد أو الوضوع
غالبا ما تضع المرأة مولدها في الأرياف على سرير خشبي وهو سرير كبير ليس (ارقى سندى) ويكون معلقا فوقه حبل لكي تمسك به المرأة التي تريد أن تضع حملها وغالبا ما تكون معها الداية وإلام وأخواتها ولا يمكن للحماة أو النسيبة أن تدخل معهن في الحجرة مهما كانت الأسباب ويوضع أمامها ستار يعرف بـ(الكجرة) أمام السرير ويعلق جرس في مدخل الحجرة وذلك خوفا من العين وتوقد النار كل مساء لفترة أربعين يوما خارج البيت لطرد الأرواح الشريرة وتذبح في يوم الوضوع بهيمة تعرف ب (ايات ايات) كتكريم أو شكر ومن العرف انه لا يمكن لاى رجل أن يقابلها ألا بعد أن تخرج بعد أربعة اشهر وعادة ما يعمل الكحل ويرسم على جبهة المولد شكل علامة الخلود عند الفراعنة والنوبيين وسنتطرق إلى تفسير هذه العلامة الثقافية والتاريخية في حلقات قائمة بمشيئة الله وهنالك من يؤذن للمولد في أذنه اليمنى ويقيم الصلاة على أذنه اليسرى ليكون مرتبط بالصلاة والمسجد. وإذا تعسرت الولادة تذهب أم الحامل إلى الشيخ ليدعو أو إعطاءهن آيات أو محاية تسمى( بالمسهل).
ومن العادة أن لا تذهب المرأة إلى بيت زوجها ألا بعد أن تضع مولدها الأول وبعد فترة النفاس لا بد أن يدفع الزوج ذهبا أو مالا أو ملابس ويكافئ المرأة التي قامت بخدمة زوجته ثم بعد ذلك يمكن له أن يأخذ زوجته معه إلى بيته. وفى فترة الوضوع والنفاس تخلع المرأة ما بها من زينة وتلبس زينتها من السعف . وقبل خروجها مع زوجها يعمل لها كرامة وتخرج معه فئ الظلام وإذا كان المكان بعيدا فيمكن أن يخرجا في الصباح الباكر وهو نوع من الحياء والتدلل.
ثالثا:- ما يفعل بالمولد
أذا كان المولود ذكرا تزغرد النساء وتعم الفرحة ويزغرد له سبع مرات والزغرودة تسمى (علال) أما أذا كانت أنثى فلا يزغردن لها في كثير من ألاحينا وقد تكون واحدة وتجد عدم الاهتمام بالأنثى فإذا ولدت لأحدهم أنثى فلا يرضى ولا يهتم من يكون اسمها وقد تمر فترة من الوقت قل تصل إلى سنة في بعض الأحيان وهو لا يحملها بين زراعيه.
ويلبس المولود بعض أدوات الزينة مثل الفضة عند المفاصل والرقبة وذلك في اعتقادهم بان الفضة معدن نبيل وهو حماية من الجنون والأرواح الشريرة وبعد مرور الأسبوع على ولادته سواء كان ذكر أو أنثى يعلق له حجاب من القران الكريم يسمى (سبعات). وتوقد نار فترة أربعين يوما وهو معروف قديم عند البني عامر والحباب ويكون ذلك بعد الغروب بين مكان المولود ومكان الناس الآخرين ولا يمر احد في هذه المساحة ولا يدخل اى شخص على النفساء عدا النساء أما أذا كان المولود أنثى فلا توقد نار ويمكن أن يمر الناس أمام البيت دون حرج وتزين المولوده بالخرز والسكسك والدبيره. ولقد كان في الزمان السابق كما يقلون أنهم كانوا يثقبون أذن المولود لكي يلبس حلق من الذهب وهو بوزن شعر المولود الذي يحلق له أما الأنثى فتزين بالسوميت وهو عقد مصنوع من الخرز والأحجار الكريمة ويدهن شعر المرأة النفساء ويمشط ويكثر لها من اللبن والسمن والمديدة والسليقة تحت إشراف أمها. وهنالك بعض الطقوس والمعتقدات أما تفاؤل أو تشاؤما في فترة ما بعد الولادة مباشرة التي تسمى (جرس) فلاوانى التي تستخدمها الوالدة لا يلمسها اى شخص فكل شي خاص بالمرأة النفساء لا يلمسه اى احد ولا يذهب إلى الجيران مثل الفنجان وأوانيها التي تستخدمها. وهنالك أصوات يتشاءمون منها في الأيام السبع الأولى فيخشى من سماع الأصوات المنكرة مثل أصوات الحمير وبعض الأصوات الليلية كالبومة وغيرها وإذا حدث هذا فتقوم الأم بأخذ عصا وتضرب بها إحدى شعاب البيت سبع ضربات في الغالب وفى نفس الوقت يتفاءلون ببعض الأصوات مثل صوت الديك وأصوات العصافير.
هذه مجموعة من المقالات كتبها الاستاذ حامد الناظر وتم نشرهابصحيفة اكوبام الصادرة من رابطة طلاب جنوب طوكر
المصدر منتدى قبائل الحباب على الفيس بوك