سرد الزميل والكاتب الصحافي الأستاذ. محمد كامل في «قراءته لأزمة البحر الأحمر» ملابسات وتداعيات مقال الزميل الصحافي عبدالقادر باكاش الذي جاء تحت عنوان «البيان الأول» والذي دق ناقوس الخطر من نوازع الانفصال لدى بعض الفعاليات بشرق السودان على غرار ما حدث للجنوب الذي ذهب مأسوفاً عليه، نتيجة لإخفاق النخب الشمالية في رسم مشروع السودان القومي الجامع، للتباينات الإثنية والجهوية وفق خيار التراضي على عقد اجتماعي يؤمن الوحدة الوطنية في إطار التنوع والتعدد الديني والعرقي والثقافي.
لقد عبرت مكونات شرق السودان الأساسية ممثلة في قبائل الأمارأر والبني عامر والهدندوة والحباب والبشاريون والأرتيقة والحلنقة والكميلاب والأشراف عن إيمانها العميق بوحدة التراب السوداني ورفض دعاوى الانفصال وهذا الموقف ذو البعد الاستراتيجي لدى قيادات وفعاليات الشرق نابع من إيمان عميق بالوحدة الوطنية والتعايش والتمازج الاجتماعي مع مكونات السودان الكبير عبر حقب التاريخ المختلفة والتي يشهد عليها سجل بطولات البلميون ورماة الحدق القديم وطريق تجارة سواكن بربر ومجاهدات أمير الشرق عثمان دقنة لدحر المحتل الأجنبي ومناصرة قبائل البجا لحركة التحرر الوطني وخوضها غُمار الانتفاضات ضد النظم الاستبدادية.
ويأتي ذلك الموقف المبدئي من الوحدة الوطنية رغم ما تعرض له الإقليم الشرقي بولايات الثلاث من مظالم و التهميش والقهر والتجاوزات الأمنية وللقارئ أن يتخيل مدى صبر ومكابدة ثاني أهم المدن بالسودان وميناؤه الأول من إنعدام المياه والكهرباء وقنوات الصرف الصحي في معظم أحياء الثغر الحبيب، فضلاً عن معاناتها من كوارث السيول والأمطار ومد «التسونامي» الجوفي الذي شرد سكان أحياء بأكملها عن منازلهم المنكوبة نتيجة لسياسات التخطيط الخاطئة والتطوير الديكوري ــ الزلط والكورنيش ــ لأغراض دعائية لا تمت إلى المطالب الأساسية لأبناء الشرق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتلبية الحاجات المعيشية الملحة كالحد من الغلاء السائد وإرتفاع أسعار السلع الأساسية من خلال زيادة الإنتاج وسد النقص في الغذاء بالإستيراد عبر الأسواق الحرة وفتح مجالآت الاستثمار على مصرعيها وعدم احتكارها للمحاسيب وأصحاب الحظوة مع إلزام القطاع الخاص بمسئولياته الاجتماعية في التدريب والتوظيف وأولوية العمل لأبناء الشرق ثم تشغيل العمالة الوطنية قبل الأجنبية.
ومهما يكن من شيء فأنى لمقال يائس أو مقاربة فكرية متشائمة أو لزفرات حرى لقيادي حزبي بارز
أو لمحاولات بائسة من قبل البعض للإبتزاز السياسي أن تمحو حقائق التاريخ المشترك أو تفصل عرى الترابط والتمازج الاجتماعي المتين بالبلاد أو تؤثر على مكونات الطبيعة والجغرافيا، وعلى قادة العشائر المسيسة وأصحاب «الاستراتيجية الانفصالية» أن يدلونا في أي مكان بالعالم ترسم السياسة بالقفز على واقع الجغرافيا؟ ويبدو أن البعض في حاجة إلى إعادة قراءة للجيوبولتيك (geopolitics) هذا إن كان لهم به أدنى معرفة أساساً.
كاتب المقال إبراهيم عيسى هدل
المصدر صحفة الصحافة